عماد الدين Broof عضو جديد
عدد المساهمات : 19 نقاط : 10585 تاريخ التسجيل : 01/09/2010 العمر : 33 الموقع : الابيض حي امير شرق السجن
| موضوع: القاضي ابو بكر بن العربي 2 02/09/10, 09:21 am | |
| وصوله إلى بيت المقدس وواصل ابن العربي رحلته مع أبيه إلى بيت المقدس، وكان فيها الإمام أبو بكر محمد بن الوليد الطرطوشي الفهري (451-520) من كبار علماء المالكية الأندلسيين، وهو كابن العربي خرج من الأندلس إلى المشرق فذهب إلى العراق وجاء منها إلى دمشق وبيت المقدس، فلقيه فيها ابن العربي واستفاد منه كثيرا قبل مجيء الطرطوشي إلى الإسكندرية. ويقول ابن العربي فيما نقله عنه صاحب نفح الطيب (1: 341): تذاكرت بالمسجد الأقصى مع شيخنا أبي بكر الفهري الطرطوشي حديث أبي ثعلبة ([1]) المرفوع: {إن من ورائكم أياما للعامل فيها أجر خمسين منكم} ([2]) . فقالوا: " منهم ". فقال: " بل منكم (أي من الصحابة) لأنكم تجدون على الخير أعوانا، وهم لا يجدون عليه أعوانا ". وتفاوضنا كيف يكون أجر من يأتي من الأمة أضعاف أجر الصحابة مع أنهم قد أسسوا الإسلام، وعضدوا الدين، وأقاموا المنار، واقتحموا الأمصار، وحموا البيضة، ومهدوا الملة، وقد قال r في الصحيح: {لو أنفق أحدكم كل يوم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه} ([3]) ، فتراجعنا القول، وتحصل ما أوضحناه في شرح الصحيح ([4]) وخلاصته: أن الصحابة كانت لهم أعمال كثيرة لا يلحقهم فيها أحد ولا يدانيهم فيها بشر، وأعمال سواها- من فروع الدين-يساويهم فيها في الأجر من أخلص إخلاصهم، وخلصها من شوائب البدع والرياء بعدهم. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باب عظيم هو ابتداء الدين والإسلام، وهو أيضا انتهاؤه... حتى إذا قام به قائم مع احتواشه بالمخاوف، وباع نفسه في الدعاء إليه، كان له من الأجر أضعاف ما كان لمن كان متمكنا منه معانا عليه بكثرة الدعاء إلى الله.. إلخ. وفي بيت المقدس أيضا لقي ابن الكازروني وقال عنه: إنه كان يأوي إلى المسجد الأقصى، ثم تمتعنا به ثلاث سنوات، ولقد كان يقرأ في مهد عيسى فيسمع من الطور ([5]) فلا يقدر أحد أن يصنع شيئا دون قراءته إلا الإصغاء إليه. ونقل صاحب نفح الطيب (1-340) قوله: " شاهدت المائدة بطور زيتا مرارا وأكلت عليها ليلا ونهارا وذكرت الله سبحانه فيها سرا وجهارا " ([6]) .... وكانت صخرة صلداء لا تؤثر فيها المعاول، وكان الناس يقولون: مسخت صخرة والذي عندي أنها صخرة في الأصل وقطعت من الأرض محلا للمائدة النازلة من السماء وكل ما حولها حجارة مثلها. وكان ما حولها محفوفا بقصور نحتت في ذلك الحجر الصلد، بيوت أبوابها ومجالسها منها مقطوعة فيها ([7]) . وقد كنت أخلو فيها كثيرا للدرس.... إلخ([1]) هو أبو ثعلبة الخشني ، والحديث في باب الأمر والنهي من كتاب الملاحم في سنن أبي داود (ك 36 ب 17) وفي كتاب الفتن من سنن ابن ماجه (ك 36 ب 21) وفي كتاب التفسير من جامع الترمذي (ك 44 ب 18) . ([2]) الترمذي تفسير القرآن (3058) ، ابن ماجه الفتن (4014) . ([3]) البخاري المناقب (3470) مسلم فضائل الصحابة (2541) ، الترمذي المناقب (3861) ، أبو داود السنة (4658) ، ابن ماجه المقدمة (161) ، أحمد (3/55) . ([4]) أي في (كتاب النيرين ، في الصحيحين) لابن العربي . ([5]) نبهني صديقي الأستاذ الشيخ محمد صبري عابدين إلى أن مهد عيسى في داخل ساحة المسجد الأقصى بالقرب من السور المطل على مقبرة باب الرحمة ، ويشرف عليه طور زيتا المعروف بالطور ، وهو جبل يقع شرقي المسجد الأقصى وفيه قرية تعرف باسم الطور (انظر الأنس الجليل 1 : 150 و226 و241 و262) . ([6]) كتب إلي فضيلة الأستاذ الشيخ محمد صبري عابدين يقول : وإلى هذا الزمان يوجد مكان في طور زيتا ملحق بمسجد الأسعدية بقرب الطور يقال له (مكان صعود المسيح عليه السلام) وهو بلاطة سوداء بركانية ، وربما كانت هي المائدة المشار إليها في كلام القاضي ابن العربي . وقد رأيتها حين زيارتي لمسجد الأسعدية ، وفي المسجد كهف فيه قبور بعض العلماء والصالحين . ([7]) قال الأستاذ الشيخ محمد صبري عابدين يصف الكهف الذي ذكره في التعليقة السابقة : أنه منقوش نقشا بديعا ، وربما كان هذا الكهف بما احتوى عليه من فجوات ونقوش هو المكان الذي رآه ابن العربي بجانب مائدة عيسى ، ولا أستبعد أن الكهف وما فيه من فجوات كان محلا لاعتكاف بعض الزاهدين ، وربما كان هنالك أيضا بعض البيوت المنحوتة طمست بإقامة أبنية جديدة في مكانها . | |
|