قنابل نيوترونية وراء الهزيمة
وخلافا لما سبق ، كشف القائد السابق للحرس الجمهوري العراقي الفريق أول سيف الدين الراوي في مقابلة مع فضائية "الجزيرة" عشية الذكرى الرابعة لسقوط بغداد أن القوات الأمريكية استخدمت قنابل نيوترونية ضد الجيش العراقي إبان معركة مطار بغداد عام 2003.
وأضاف " الأسلحة النيوترونية التي استعملها الجيش الأمريكي تقتل البشر وتحرق الأجساد تماما لكنها تبقي الأسلحة والأبنية سليمة " ، مشيرا إلى أن الجيش الأمريكي استخدم أيضا في معركة المطار قنابل تزن تسعة أطنان وقنابل فوسفورية حارقة قادرة على إحراق منطقة عمليات بحجم سرية إضافة إلى عوامل تشل القدرة.
وأكد في هذا الصدد أن الجنود العراقيين الذين قال إنهم كانوا من قوات النخبة قاتلوا حتى الموت ولم ينج أحد منهم خلال تلك المعركة التي جاءت قبل أربعة أيام من استكمال القوات الأمريكية احتلال بغداد.
مذكرات صدام
وأخيرا هناك مذكرات صدام التي نقلها عنه محاميه خليل الدليمي ونشرها في عام 2009 في كتاب بعنوان "صدام حسين من الزنزانة الأمريكية..هذا ماحدث" ، حيث علق الرئيس العراقي السابق مجددا على لغز سقوط بغداد ، قائلا :" بغداد لم تسقط ، بغداد احتلت ، وستتحرر بسواعد الأبطال ، الاحتلال شيء والسقوط شيء آخر وهذه ليست المرة الأولى التي تحتل فيها بغداد، فقبل الأمريكان وعبر التاريخ تعرضت لغزوات كثيرة وتنازعها الأعداء من كل الجهات وتكالب عليها الفرس وغيرهم وهي حلقات متواصلة واحتلها المغولي هولاكو فأحرق ودمر وقتل وعاث فيها فسادا".
وتابع صدام " اليوم تتكرر الحالة لقد جيش بوش جيشه ومرتزقته وعبر المحيطات ونحن لم نعتد على أحد لكنهم كانوا يضمرون لنا الشر ويريدون نهب خيراتنا وتدمير بلدنا وقد حاولنا بكل ما نملك تجنب شرورهم".
وأضاف " في السياقات العسكرية لا يمكن فصل النتيجة عن السبب فهما حالة واحدة والمعركة الواحدة هي سلسلة حلقات للوصول إلى تحقيق الهدف ، فكيف إذا كانت المعارك متواصلة منذ العام 1990 وما رافق ذلك من حصار ظالم دام أكثر من ثلاثة عشر عاما وفقدنا بسببه أكثر من مليون ونصف مليون عراقي ما بين طفل وشيخ وامرأة وحتى الشباب ، إذن فلا يمكنني أن أجتزئ وأتحدث عن معركة واحدة هي بحد ذاتها كانت هدفا ونتيجة لسلسلة طويلة ، ألم يكن قصف أمريكا للعراق مستمرا منذ ذلك التاريخ ، أليست أمريكا هى من وضع خطوط الطول والعرض وأسموها مناطق حظر الطيران؟".
واستطرد صدام قائلا :" من الأمور التي لابد أن نذكرها خارج السياقات العسكرية والقتالية المعمول بها والتي لم يتوقعها حتى إخواننا القادة وهم يضعون خططهم العسكرية والخطط البديلة هو قيام العدو بالمباشرة بالهجوم البري الواسع متزامنا مع القصف الجوي والصاروخي وحتى المدفعي وذلك لتليين الأهداف كما سبق ، وعادة ما يستمر هذا وفقا لما هو معمول به عدة أيام وربما شهر أو أكثر كما كان عليه العدوان الأمريكي 1991، حيث استمر القصف لأكثر من شهر ثم بدأ الهجوم البري بعد ذلك".
وتابع "من الأمور الأخرى التي كنا قد وضعناها في حساباتنا أن العدو سيتقدم من جبهتين أو أكثر مع إنزالات هنا وهناك ، إحدى هذه الجبهات معروفة وهي الحشد الأكبر للقوات الأمريكية (الكويت) والثانية من الجبهة الغربية".
واستطرد " أما ما يخص الصمود الرائع للبواسل في أم قصر من أبطال لواء المشاة (45) ، فقد قام هذا اللواء بقتال العدو بشكل أذهل العالم وصموده الأسطوري زعزع الثقة في نفوس الأمريكان والبريطانيين وهز معنوياتهم كذلك كان صمود قواتنا الباسلة في الزبير ومقاومتها الشديدة ، فقد عضد وعزز معنويات إخوانهم في هذا البطل ، كما أن صمود قواتنا المسلحة ومن خلفها ظهيرها شعب العراق الأبي في كل الجبهات أعطى العزيمة لباقي القواطع".
مذكرات صدام
وتابع صدام قائلا : "وبعد أن تمكن العدو من احتلال بعض مدن العراق كان يريد إيصال رسالة واضحة وهي أن كل شيء قد انتهى وبالتالي تدمير معنويات العراقيين، جيشا وشعبا، فضلا عن استخدامه أسلحة محرمة دوليا في ضواحي بغداد".
واسترسل " المقارنة بين الذي حصل في أم قصر وصمودها الرائع وبين الذي حصل سريعا في بغداد هي مقارنة غير وجيهة من الناحية العسكرية على الأقل كما أن إسراف العدو بتركيزه على قصف بغداد ومحيطها بشكل بربري متواصل لمئات الساعات أدى إلى تدمير وحدات بأكملها وتشتت أخرى مما جعلها هدفا سهلا لطائرات العدو وصواريخه خاصة وأنها كانت تفتقر إلى غطاء جوي وكذلك في حالة عودة هذه الوحدات وتخندقها ، فقد تم تدمير معظمها في مواضعها الدفاعية ، مما أدى إلى استنفاد البديل ، كما أن وضع أطراف بعض المحافظات ضمن فرقة عمليات بغداد كان خطأ أو على الأقل سوء تقدير مع بعض التقديرات الأخرى التي لا تتلاءم مع التغيرات الجوهرية التي حصلت في الميدان من خلال جهد العدو الكبير وتكتيكاته".
وأضاف " العدوان كان شرسا وواسعا وبذل العدو جهدا خاصة في الأيام الأخيرة بتكثيف القصف الجوي والصاروخي على بغداد ومحيطها، إذ كان الهدف الرئيس للعدو هو بغداد أولا ، أسباب تمكن الأمريكان من احتلال بغداد هو الحصار الذي دام أكثر من ثلاثة عشر عاما وما رافقه من استمرار الحرب بكل صفحاتها واعتماد الأمريكان سياسة الخداع والتضليل حول مزاعمهم مما دفع بعض الأصدقاء والأشقاء العرب لتصديق رواياتهم ، فضلا عن الفرق الهائل بين القوتين وخاصة القوة الجوية والصاروخية وعدم وجود أي غطاء جوي للجيش العراقي واستخدام القصف الجوي المكثف الذي لا مثيل له والذي كان مستمرا على مدار الساعة ، مما ساعد على شل قدرة قواتنا البطلة سواء أكانت الدروع أو المدفعية أو حتى المشاة".
واستطرد " يضاف إلى ذلك استخدام العدو لأسلحة محرمة دوليا بعضها استخدم لأول مرة وخاصة في مطار بغداد بعد المعركة الشهيرة التي خسر فيها العدو مئات القتلى وعشرات الدروع مما أفقده صوابه وقام بضرب قوات الحرب والقوات المتجحفلة معها بقنابل نووية تكتيكية ، إلى جانب استمرار القصف على بغداد بشكل وحشي وضرب السكان الآمنين واستخدام العدوان للطريق الصحراوي بمحاذاة المدن وتفوقه النوعي علينا بالسلاح المتطور ما أفقد قواتنا القدرة على الحركة نهارا لعدم وجود غطاء جوي وإسناد مدفعي لها ، العدو هاجمنا من جميع الجبهات واستخدم عملائه من المخربين وعملاء إيران في الهجوم علينا".
وبالنسبة لما يتردد عن وجود خيانات في صفوف القيادات العسكرية ، قال صدام : "سمعت أن هناك من يتحدث عن خيانات حدثت أثناء المعارك، فأقول لك يا ولدي إن جيشنا معروف ببسالته وبطولاته ، إن حصلت الخيانة فقد حصلت بشكل محدود وبمستويات واطئة ضعيفة التأثير ولم تؤثر على نتيجة المعركة إطلاقا ، بعض ضعيفي الأنفس والخونة تغلغلوا في الأجهزة الأمنية العراقية".
ورغم تراجع صدام في مذكراته عن تصريحاته في 2003 حول تحميل الخيانة المسئولية الكاملة عن لغز سقوط بغداد ، إلا أن هناك من يرجح أن السنوات المقبلة ستكشف مزيدا من الأسرار في هذا الصدد ، خاصة وأن الاعترافات والروايات السابقة لم تقدم إجابة حاسمة وقاطعة حول أسباب الاختفاء المفاجيء للجيش العراقي السابق في 9 إبريل